بقلم  معد فياض :من قتل أحمد راضي؟

الكتب والصحفي معد فياض

بقلم معد فياض :من قتل أحمد راضي؟

معد فياض - تاريخ النشر : 2020-06-25 14:44:00

سوف استبعد اللجوء الى نظرية المؤامرة في قضية موت أحمد راضي وأركن الى حقيقة هي ان التقصير والاهمال وسوء الادارة هو من تسبب في موت، او قتل كابتن الكرة العراقية المحبوب. 



 



قد ينبري لي البعض بالقول بان موضوع موت راضي ليس سياسيا او لا يستحق مقالا في هذا الموقع، لكن الحقيقة هي ان هذه القضية سياسية بحتة ولا تتعلق برحيل صاحب الانجازات الرياضية الاكثر اهمية عراقيا وعربيا، بل بحياة شعب بأكمله، فعندما يكون الاهمال والتقصير وسوء الادارة عناوين للتعامل مع حياة شخصية معروفة ومحبوبة وقدمت للعراق الكثير، فهذا يكشف لنا عن حقيقة تعامل المؤسسات الصحية وبعض الاطباء مع بقية ابناء الشعب العراقي الذين لا حول لهم ولا قوة.



 



ارجو ان تنتبهوا هنا الى انني لا اتهم اطباء بعينهم، او ان احاول النيل من جهود (الجيش الابيض)، فهؤلاء مغلوبون على أمرهم وهم ايضا ضحايا سوء ادارة المؤسس او المنظومة الصحية في العراق على مدى اكثر من 17 عام، نعم انا اتهم هذه المنظومة ومن توالى على مسؤوليتها ومارس الفساد من خلالها.



 



غالبية من العراقيين تابعوا مشاهد الفيديو التي عرضت في موقع شبكة رووداو الاعلامية وبقية مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات العراقية والتي أوضحت وبما لا يقبل الشك حجم التقصير وسوء الادارة من قبل مدير مستشفى النعمان، حيث كان يرقد احمد راضي، وسمعنا المحاضرات المطولة لمدير مستشفى النعمان وحرصه على تصوير احاديثه المطولة التي تشيد بانجازاته وانجازات مستشفاه امام سرسر راضي، بينما المريض يتلوى ألما وجزعا وانزعاجا من هذه التظاهرة التي لم تسعفه بل اسرعت بموته، ثم شاهدنا عدداً من الاطباء من داخل العراق وخارجه يعترضون على مثل هذه التصرفات وعلى بروتوكولات العلاج التي تم التعامل خلالها مع راضي وبقية العراقيين المصابين بفايروس كورونا، وغالبيتها، اضافة الى تقارير منظمة الصحة االعالمية، اكدت ان هذه البروتوكولات خاطئة، والاكثر خطورة انها فضحت بان المستشفيات العراقية تحولت الى بؤر لنشاط فايروس كورونا، وانه ليس المرضى فقط هم ضحايا سوء الادارة وانما كان، وما يزال، الاطباء وكوادر العلاج في مقدمة ضحايا فساد اداري متوارث للمؤسسات الصحية.



 



احمد راضي هو عنوان عريض يتصدر المشهد، اما التفاصيل فتتضمن المئات من الضحايا الذين لم ولن يأت احد على ذكرهم، يودعون المستشفيات ويموتون ويدفنون دون ان ننتبه حتى لاسم اي منهم، حتى اقتنع غالبية من العراقيين بان على المصاب بفايروس كورونا البقاء في بيته لانه سيموت في المستشفى. ستقولون لكن هناك مئات الالاف من الموتى راحوا ضحية فايروس كورونا القاتل في انحاء مختلفة من العالم الذي تعد مؤسساته الصحية متطورة وحضارية، فلماذا نحاسب او نجلد مؤسساتنا الصحية وكوادرنا الطبية والتمريضية، ساقول لكم بأن نسبة التعداد السكاني مع اعداد المصابين بفايروس كورونا والمتوفين في العالم لا تتناسب مع حجم تعداد العراقيين ونسبة ضحايا هذا الفايروس، كما ان واقع المستشفيات والخدمات الصحية التي تقدم للمواطنين في مختلف انحاء العالم لا يمكن مقارنتها مع ما موجود في العراق من سوء في ادارة المستشفيات.



 



من قتل أحمد راضي وبقية العراقيين سواء بسبب فايروس كورونا او الاصابة ببقية الامراض هم رؤساء الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ ما بعد 2003 وحتى اليوم، ههم وزراء الصحة الذين يتم اختيارهم بطريقة المحاصصة االمقيتة دون التحقق من كفائتهم، باستثناء الطبيبين علاء العلواني وجعفر علاوي اللذين لم يمكثا طويلا في منصبيهما لنزاهتهما ولكفائتهما ولوطنيتهما، بل تم اختيار وزيرة صحة مارست الفساد بابشع صوره عندما استوردت (نعل) بملايين الدولارات، وانشأت اربع مستشفيات فضائية بابنيتها وكوادرها ونفقاتها دون ان يكون لها وجود على ارض الواقع ولم تتم محاسبتها، وعندما فرض وكيل وزارة االصحة على الطبيب الكفوء علاء العلواني التوقيع على عقد شراء لقاحات بمائة مليون دولار بينما سعره الحقيقي هو 22 مليون دولار، وعندما تم الاستغناء عن خدمان الطبيب جعفر علاوي لانه تشدد بضرورة غلق الحدود مع ايران كي يمنع تسلل المصابين بفايروس كورونا الى البلد ووضعوا مكانه وزير شاب لا يتمتع باية خبرة ادارية او كهنية فرضه تيار من احزاب الاسلام السياسي.



 



من قتل أحمد راضي وغالبية المرضى العراقيين هو سوء الخدمات المقدمة في المستشفيات، بل هي المستشفيات ذاتها التي تخلو من المستلزمات والاجهزة الطبية المتطورة، المستشفيات المتهالكة والتي مضى على بنائها عشرات السنين دون ان يتم تجديدها وتطويرها وتحديثها، الادهى من ذلك هو ان الحكومات المتعاقبة منذ 2003 وحتى اليوم لم تبني اي مستشفى او مركز صحي في العراق، بل منحوا الاجازات لفتح مئات المستشفيات الاهلية والخاصة لامتصاص اموال ودماء العراقيين، وان قادة الاحزاب، الاسلام السياسي خاصة، والمقربين منهم تعاملوا مع وزارة الصحة باعتبارها منجما لسرقة مئات الملايين من الدولارات. 



 



هؤلاء هم من قتل احمد راضي وبقية العراقيين، وما زالوا يمارسون فسادهم بكل وقاحة دون رقابة او محاسبة مع انهم يتعاملون مع ارواح ابناء الشعب العراقي بلا اي وازع ضميري أو اخلاقي

مقالات ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS